الرسول مجاهداً 2

حتى تنبهوا إلى مسألة خطيرة في المراقبة وهي أن مفتاح السور يوضع من الداخل في مكان معين.وهذا المفتاح هو مفتاح القصر الداخلي أي مفتاح الأبواب.وبدؤوا يتحركون ولما وصلوا إلى القصر ليلا بدؤوا يفكرون بطريقة يستطيعون من خلالها تخطي الحرس والحصول على المفتاح.فقدر الله ورتب لهم شيئا وهنا نقول إنه يجب على المؤمن دائما أن يستعين بالله وأن يتوكل عليه وأن يبذل كل الخطط وإن كان عددهم قليلا.لكن بالاستعانة بالله والتوكل عليه ثم بعد ذلك الأخذ بالأسباب وأمور الحياة والتخطيط سيوفقهم الله ويرتب لهم الأسباب.كما قال تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم.وكثير من معارك المسلمين كان عدد المسلمين فيه قليلا وعدد أعدائهم أضعاف مضاعفة لكن عندما يأتي الوقت الحقيقي للقتال الذي لا بد منه عليك أن تتوكل على الله وأن ترى الخطة المناسبة للقتال ثم بعد ذلك تبدأ المعركة.وصلوا بالليل ولاحظوا أن حمارا فقد من قصر أبي رافع فتحرك هؤلاء الجنود وكانوا أعدادا كثيرة تلحق بالحمار في الليل.

وهنا استغل الفرصة عبد اله بن عتيك وقال لابن أنيس أدخل القصر عندما يلاحقون الحمار معهم وعندما يرجعون ارجع معهم.لقد استغلوا هذا الموقف ووجد الجنود الحمار وأحضروه ورجع معهم عبد الله بن أنيس وكأنه واحدا منهم.ومن خلال القراءة ودراسة واقع القصر علموا أن هنالك حظيرة للحيوانات سيوضع فيها هذا الحمار وقال عبد الله لابن أنيس ادخل مع الحمار في الحظيرة.تأملوا جهاد الصحابة وبذلهم ودأبهم للذود عن المسلمين ومن أجل نصرة الإسلام والمسلمين.دخل عبد الله بن أنيس مع هذه المجموعة ووصل الحظيرة ودخل مع الحمار.
لكن ماذا بشأن عبد الله بن عتيك لقد كان بطرف الباب وإذ بالباب يغلق فكيف سيصنع من أجل أن يدخل المكان.......؟لقد رأى المسؤول عن البوابة عبد الله بن عتيق الذي كان يلبس مثل ملابس الجند لكن الشكل غير مألوف والدنيا ليل.مباشرة جلس عبد الله جلسة القرفاصاء وكأنه يقضي حاجته فقال له المسؤول بسرعة ادخل سوف نغلق الباب قال له عبد الله امنحني ثوان.فقام عبد الله ودخل واتجه مباشرة إلى مكان عبد الله بن أنيس الذي كان موجودا في حظيرة الحيوانات.جلس معه وهم يعلمون أن سلام يجلس في قصره وقصره مؤلف من دورين جعل الدور الأول لاستقبال الناس الذي فيه المسرح والغناء والطرب والدور الثاني لزوجته ولضيوفه وأصحابه.ولما جاء نصف الليل ورأى الصحابة الكرام رضي الله عنهم أن أصحاب أبا رافع خرجوا وانتهت ليلتهم الحمراء وأخرجوا كل الذين عندهم.

قالوا لقد آن الأوان لأن نتحرك فتوجهوا إلى مكان المفتاح لأنهم عرفوا مكانه فأخذوا المفتاح واتجهوا مباشرة إلى باب القصر وبعد أن فتحوه ودخل من كان في الخارج أغلقوه من الداخل وقالوا لبعضهم لو عرفنا أحدهم سنقتل هذا الرجل ونستشهد في سبيل الله.فصعدوا بكل ثقة إلى الدور الأول ثم إلى الدور الثاني ولما وصلوا إلى الدور الثاني خرجت امرأته لأنها سمعت صوتا فرآها عبد الله بن أنيس فأرادت أن تصرخ فرفع سيفه يريد قتلها فتذكر وصية الرسول عليه السلام الذي قال لهم لا تقتلوا امرأة ولا صغيرا.ولما رفع السيف أمرها أن تأخذ جانبا من الحائط ولا تصدر صوتا.
مقتل أبي رافع على يد الصحابة.

هنا دخل عبد الله بن عتيق بعد أن فتح الباب ونادى يا أبا رافع قال أبو رافع من أنت قال أنا عبد الله بن عتيق جئت لأقتلك في سبيل الله ثم أخذ السيف وضرب به أبا رافع على بطنه ضربة قوية.فصاح أبو رافع صيحة شديدة وقوية وأدرك من في القصر أن هناك شيئا فدخل عبد الله بن أنيس يريد أن يشارك عبد الله في قتله لأبي رافع.فقال له عبد الله تمهل لدي خطة وقال ما بالك يا سيدي قال أبو رافع لقد ضربني رجل وهرب أمسكوه.قال له سأفعل ثم ضربه ضربة أخرى وانقض عليه عبد الله بن أنيس وأدخل السيف في بطنه حتى سمع صوت عظامه.ثم تركوه وخرجوا إلى المكان الذي أتوا منه وفي الطريق كسرت قدم عبد الله عندما كان ينزل من السلم فحمله عبد الله بن أنيس وتوجه به إلى حظيرة الحيوانات.

لما وصل القوم وجدوا أن قائدهم الذي كان يبشرهم ويحثهم على قتل محمد في لحظة موت.حينئذ بدؤوا يبحثون في كل مكان عنهم والصحابيان داخل القصر لما هدأت الرجل خرجوا مثل بقية الجنود يبحثون ورجعوا إلى من كان ينتظرهم خارج القصر.لقد انتهت المهمة وهنا تذكر عبد الله بن أنيس شيئا قال لقد نشيت قوسي عند سلم منزل أبي رافع قالوا له دعه وامض معنا فقال لا أدع سهمي وقوسي لليهود يقاتلون به المسلمين سوف أذهب لإحضاره.فذهب إلى القصر وأظهر من نفسه أنه منهم ويبحث عن أصحاب محمد ثم وصل إلى مكان القوس فأخذه ثم رجع.
فقالوا هلم بنا لنمض إلى المدينة فقال عبد الله بن عتيق لا بد من أن نتأكد من أنه قتل فاختاروا الأسود بن خزاعة فذهب بلباس اليهود وصعد الدور الأول وسمع امرأة أبو رافع وهي تقول لقد قتلوه وإله موسى.
قال الأسود والله ما سمعت كلمة أجمل من هذه الكلمة في حياتي ثم رجع يبشر أصحابه بمقتل أبي رافع.
ثم رجعوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام ليبشروه بمقتل أبي رافع سلام بن أبي حقيق.
ولما عاد الصحابة الكرام إلى الرسول عليه السلام كان في مسجده يتحدث مع الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم ولما أقبلوا عليه قال لهم أفلحت الوجوه قالوا وأفلح وجهك يا رسول

بركة الرسول على عبد الله بن عتيك.

رأى النبي قدم عبد الله وقد كسرت قدمه ولفت بعمامة.
فمسح عليها رسول الله فبرأت وعادت أفضل مما كانت وفرح الصحابة الكرام كلهم بهذا الموقف.
وكانت تلك الليلة للصحابة ليلة فرح وأنس بخلاف اليهود الذين أمضوا ليلهم بالخوف والجبن من محمد وأصحابه.
إنها عبر ومواعظ تتكرر في نفس اللحظات التي نحن فيها فاليهود اليوم هم نفس اليهود ومنهجهم نفس المنهج لكن الإسلام ينبغي علينا أن نبين دوره ورسالته وطريقته في التعامل.
اليهود الغدرة والمنافقين لا حل معهم سوى بالقتال حتى يهدؤوا وحتى يسكنوا.
ولقد عاشوا مع النبي عليه السلام فغدروا معه وأجلاهم من المدينة وطهرها منهم وإنهم سيستمرون على هذه الحالة ولا طريق لهم إلى طريق القتال في سبيل الله.
ونستفيد من هذا الدرس أيضا أخلاق الإسلام في الجهاد الذي أوصى بأن لا يقتل الصغير ولا الوليد ولا المرأة ولا تقلع الأشجار فهي رسالة للعالم جميعا أننا نريد إحقاق الحق ونريد كلمة الإسلام واضحة.
وإلا فهناك يهود عاشوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وما قتلهم وهناك أناس غير مسلمين عاشوا في أمن وسلام.
فمن أراد أن يقاوم ويقاتل ويعتدي فليس أمامه إلا طريق الدم ومن أراد أن يسالم ويعايش فنحن نرحب بالسلام وبالتعايش السلمي لنكون في أمن وفي أمان.
نسأل الله أن يعز الإسلام والمسلمين وأن ينصر المجاهدين في كل مكان وأن يعينهم على الإيمان الحقيقي والعبودية الصادقة الخالصة والتوفيق في التخطيط والتسديد.